...

مشروع العدالة الانتقالية في السودان

Staff Writer

موجز تنفيذي :

ظل السودان ولسنوات طويلة، يشهد عنفا واسعا، بسبب النزاعات المسلحة التى انفجرت بين مكوناته السياسية والاجتماعية ليلة استقلاله فى العام 1956، حيث كانت البداية بما عرف بتمرد توريت بجنوب السودان-1955 ، عندما  انشقت كتيبه من قوة دفاع السودان تتكون من ابناء الجنوب وبدأت حربا بات وقوودها مستعرا باستمرار حتي تاريخ اليوم ,ولم تقتصر الانتهاكات على الفترات الدكتاتورية فحسب بل شهدت فترات الحكم الديموقراطى احداثا يستوجب كشفها والتحقق منها انصافا للضحايا حادثة عنبر جودة 1956-16-فبراير وحادث قطار الضعين الشهير 1987 ، بعض النظر عن الاسباب المباشرة لتمرد توريت، الا ان العوامل الرئيسية لحدوثة تكمن فى غياب الرؤية لتاسيس مشروع الدولة السودانية وذلك ناتج عن ان المستعمر ما كان ليريد له الحدوث حتي يتمكن من الاستمرار في السيطرة على السياسية والاقتصادية على السودان، اضافة الى ذلك، نجد ان النحب والصفوة الوطنية التى كانت تقود الفعل السياسي والاجتماعي والثقافي فى تلك الفترة، قد وقعت فى فخاخ عدم ادراك بنية وطبيعة التكوين السوداني، بل غاب عنهم الفهم الكلى للمشروع الوطنى لادراة الدولة والذى يشمل ادارة التنوع وتحقيق العدالة الاجتماعية القائم الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، بموروثاته الاجتماعية الثقيلة على بعض المكونات العرقية والثقافية ، فمضت فى اتجاه تكريس مصالحها فى السيطرة على السلطة والثروة والتخطيط لمشروع الدولة الوطنية الوليدة، الشيء الذي شكل واقعا مغايرا لمشروع بناء الدولة الغنية بالتنوع والمؤسسة عليه نظريا وعمليا، مما ادي الى  سيادة سلوك الاستقطاب القائم على اوجه التنوع ورفض الاخر المختلف فى وجه من اوجهه، فكان ان برزت قوي اخري لتقف فى وجه احادية الاتجاه الثقافي والاجتماعي الذي شكل مضامين الوعي السياسي للنخب المسيطرة، فالاستقطاب والاستقطاب المضاد الناجم عن عدم الاعتراف بالاخر وضعضعة شروط المواطنة المتساوية لكل السودانيين ، اديا الى انفجار واستمرار النزاعات المسلحة فى جنوب السودان سابقا، اقليم دارفور، جنوب كردفان، النيل الازرق وشرق السودان، استمرت النزاعات المسلحة لآماد متطاولة واتسعت رقعتها وتباينت اوجهها وادواتها، فكان ان ادت الى ملايين الضحايا من قتلي، مصابين ، نازحين، لاجئين وفقدان الممتلكات والاستقرار فى اقاليم النزاعات، كما نتج عنها تفكك البنية الاجتماعية التى كانت تشكل الحد الادني لمباديء التعايش السلمي بين المجتمعات المحلية بمختلف تكويناتها الاجتماعية والثقافية ومصالحها الاقتصادية والسياسية،  الحصيلة تتمحور حول انهيار مشروع الدولة طوال ما يقارب السبعين عاما من عمر الدولة الوطنية بعد خروج المستعمر، غياب المشروع الوطني المؤسس على التنوع السوداني باوجهه المختلفة، انقسام السودان الى دوليتن، شيوع ثقافة العنف، غياب نظام الحكم الديمقراطي والديمقراطية و سيطرة الحكومات العسكرية الاستبدادية على اكثر من ثلثي عمر الدولة السودانية المستقلة، ادي كل ذلك الى الغياب التام لمباديء حقوق الانسان وصيانتها وتحقيق لتوازن الاجتماعي والتنمية الشاملة والاستقرار ، فكان ان تعمقت الازمة الوطنية ، على الرغم من الثورات والانتفاضات الشعبية التي خبرها السودانيون لثلاث مرات منذ ثورة اكتوبر 1964 وحتي ديسمبر 2018، من اجل تحقيق الانتقال الديمقراطي وانهاء الانقلابات العسكرية ، اضافة الى العديد من اتفاقيات السلام منذ العام 1972 ، مرورا باتفاية السلام الشامل 2005 اتفاقية ابوجا 2006 وغيرها، وصولا  اتفاقية جوبا للسلام 2020.

لم يتحقق السلام الشامل والدائم والمستقر مطلقا او الانتقال الديمقراطي وسيادة دولة المواطنة المتساوية وحقوق الانسان فى السودان، بل اذداد الوضع السياسي والاقتصادي والامني تعقيدا.

عقب ثورة ديسمبر 2018 واسقاط نظام حكم الاسلاميين بقيادة الجنرال البشير، الذي وصل الى السلطة عبر الانقلاب العسكري فى يونيو 1989،  وما تلاها من تعقيدات اخري تمثلت فى استمرار حالة عنف الدولة التاريخية ضد المدنيين فى السودان  ذلك لاستمرار مؤسسات القمع القائمة على التسلط المهنى عسكرية كانت او مدنية وعودة الانقلابات العسكرية مباشرة في اكتوبر ،2021 اي بعد عامين تقريبا من تكوين حكومة الثورة بالشراكة بين العسكريين والمدنيين لعبور الفترة الانتقالية ولم تكن شراكة مثالية بل قائمة على الشك وانعدام الثقة بين شركاء الحكم،  ولم تكن الصورة واضحة لقيام  الانتخابات لتحقيق الانتقال الديمقراطي   الذى لم يكن فى الاولويات للكثير من الشركاء , استمرار حالة العنف ضد المدنيين وسقوط المزيد من الضحايا ذات نسق تاريخي منذ فجر الاستقلال ، كان لابد من بروز الاسئلة، حول لماذا يستمر العنف فى السودان بكل اشكاله من جرائم الابادة الجماعية الى جرائم الحرب والانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان وتقويض فرص الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي .

اهميةالدراسة :

تنبع اهمية الدراسة حول العدالة الانتقالية فى السودان كونها تشكل اهمية نظرية وعلمية  لتحقيق منظور تطبيعى  للعدالة الانتقالية فى السودان وكذلك تسهم الدراسة عبر البحث لتشكيل مفهوم موحد لتجاوز مرحلة الصراع وصولا لمشروع وفق ىليات وطنية  كما تحاول الدراسة للاسهام فى تقديم اسهامات فى تعريف مفهوم العدالة الانتقالية .

موجز لمفهوم العدالة الانتقالية: هي مجموعة من التدابير والاجراءات قانونية وغير قانونية وهو تعريف مستوحى من كثير من مراجع العدالة الانتقالية ويمثل التعريف الأمثل بينما يمكن وصفا باكثر من صيغة تعريف ، بل يمكن القول ان العدالة الانتقالية تعنى استجابة المجتمعات  لارث الانتهاكات الجسيمه والصارخة لحقوق الانسان وهى تطرح بعضا من اشد الاسئلة صعوبة ان كان فى القانون ام السياسة ام العلوم الانسانية .والعدالة الانتقالية تعنى قبل كل شئ الاهتمام بالضحايا كما تلجأ اليها الحكومات والدول و مؤسسات المجتمع بتكويناتها المختلفة ، بغرض التعامل مع ما ينتج من الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان والعنف المفرط والجرائم. يتم العمل علي هذه التدابير عندما تنتقل المجتمعات من حالة النزاعات العنيفة والانتهاكات الي حالة السلام ، او ازاحة الحكومات الدكتاتورية الاستبدادية من السلطة  واستعادة الديمقراطية وسيادة حكم القانون  او فى حالة توفر الارادة السياسية

للحاكم كما فى حالة المغرب وماقام به محمد السادس، اضافة الي ارساء مبادئ احترام حقوق الانسان علي المستويات الفردية والجماعية

تحميل المقال كاملا هنا

Written by Staff Writer

More From This Category

Combatting Corruption in Sudan: A New Coalition Emerges

Combatting Corruption in Sudan: A New Coalition Emerges

Anticorruption Taskforce Sudan, ACT-Sudan, is a newly established coalition of local Sudanese civil society organizations dedicated to identifying and combating corruption in Sudan to achieve the ultimate goal of ending the war and bringing justice to the people of...

read more
Combatting Corruption in Sudan: A New Coalition Emerges

Combatting Corruption in Sudan: A New Coalition Emerges

Anticorruption Taskforce Sudan, ACT-Sudan, is a newly established coalition of local Sudanese civil society organizations dedicated to identifying and combating corruption in Sudan to achieve the ultimate goal of ending the war and bringing justice to the people of...

read more
Combatting Corruption in Sudan: A New Coalition Emerges

Combatting Corruption in Sudan: A New Coalition Emerges

Anticorruption Taskforce Sudan, ACT-Sudan, is a newly established coalition of local Sudanese civil society organizations dedicated to identifying and combating corruption in Sudan to achieve the ultimate goal of ending the war and bringing justice to the people of...

read more

0 Comments

0 Comments

Submit a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Seraphinite AcceleratorOptimized by Seraphinite Accelerator
Turns on site high speed to be attractive for people and search engines.